من رسائل إحسان (العقل المغوار)
- محمد شحاته حسين "محمد العريان"
- Sep 23, 2021
- 3 min read
عزيزي محمود
بعد التحية ،
وصلتني رسالتك، وقد كنت غنيا عن ما فيها، حتى قرأتها، فعلمت أني كنت أفتقر إلى ما جاء فيها.
تماما كمن قال لقد سمعت أجمل الأغاني، حتى سمع أغنية فقال هذه أجمل من كل ما قد سمعت.
أنا بخير، ومازالت أعارك في هذا العالم ويعاركني، ومازالت أتهمه ويتهمني، حتى اعتدت التفكير أثناء العراك، وما عدت أفكر بالمعركة.
أخبرك أنني على ما يرام، غير أن بعض الأوجاع في جسمي وبعض الأحلام السيئة يعكران لا شعوري.
فأجمل الأحداث ما يجري كأنه مدبر له من قبل، تمضي هذه الأحداث وكأنك تفعل ما يجب عليك فعله، ولو كان أي شخص مكانك لفعل ما فعلته.
أحب أن أخبرك أن رسالتك الأخيرة لا تنفصل عن الرسالة التي قبلها، وشعرت أنك تتدارك شيئا خفت أنت ألا أفهمه أنا بصورة كافية.
أنا لا أكره الشعب يا محمود، لكن لاأكره إلا ما يجب علي أن أكرهه.
من السهل أن نتفق مع كل شىء، أن نصمت، ليكون صمتنا أكبر قناع، أكبر من أن نتكلم بنفاق وزينة.
تعلم أنني أصرف وقتي في فهم ما عرفته، وما عرفت لا يكفي لأن أفهم.
لذا نبحث عن مزيد من المعرفة لنفهم أكثر.
إنني أكتب إليك وبالي مشغول بأمور كثيرة، وأشعر كأن رأسي في حوامة وأني مصاب بدوار.
سأخبرك أمرا هاما، أتعرف ما جدوى القوة في مثل حالي هذه؟ أن تكون قويا بما فيه كفاية لتفلت من عقوبة أي جريمة ترتكبها، فإذا ما امتلكت هذه القوة فلن أرتكب أي جريمة.
إن مثل هذا العقل يبحث عن قوة كافية لتحميه من جريرة الخطأ، وتدفعه لمزيد من الفعل دون خشية الوقوع في العقاب
حين يشعر الإنسان أن الوحيد القادر على عقابه هو نفسه.
إننا لا نحتاج إلى هذه القوة إلا لنصل إلى هذا المعنى، فإذا ما كان هذا هو الهدف فلابد من طريقة أخرى تصل إليه.
أوشوش لك هذه الكلمات" إن الكثير من الجهلة الشجعان لديهم طريقتهم الخاصة لفعل أي شىء دون خوف من عقاب"
ووحدهم الذين يعلمون ضرر العقاب هم الخوافون .
إن الهدف الأسمى من امتلاك القوة هو القدرة على الفعل والقول دون خشية المثول لعقوبة تؤثر على صحة الإعتقاد.
كم مرة تحلينا بالعكسية أو الصمت لنمرر الحدث إلى حيث نريد؟
كم مرة قلنا نعم وكنا نود لو قلنا لا، فقط لنمر؟
إن القوة يا محمود منجاة من النفاق، والكذب، والكسل.
لو كان الإنسان لا يموت ولا يتألم، لو كان لا يتحطم ولا يتشوه، لفعل أكثر مما نتصور.
لكن الألم، والعمر المحدود، وعاطفة الشعور بكل مسؤولية من حولنا، تحدد حياتنا.
والعقل المغوار، وحده من يتسلل عبر كل هذه المصاعب لينفذ عمليات عقلانية في أرض المجهول من ثم يعود سالما.
اسألني أنا عن العقول الشهيدة، والأسيرة، والمختطفة.
العقول التي ذهبت هناك وانتهت حيث وصلت، العقول التي علقت ولم تستطع العودة، العقول التي سقطت في يد المجهول، العقول التي ذهلت من فرط قوة المجهول وعادت لتتقوقع في حدود الألم الآمن، والمسؤوليات المعتادة.
العقول التي رأت العمل والزواج و المسؤولية طوق نجاة من بحر الأفكار الصبيانية.
وأولئك هم أنفسهم، يتألمون في صمت، وبعضهم يعتقد مخلصا أن هذه هي الحياة. ولو سألته عن أي شىء لقال هم فعلوا هم قالوا ..
إن العقول المغوارة يا محمود إن نجحت قالوا عنهم هم، وكأنهم جنس مختلف، أنصاف آلهة، عفاريت و جنيات، وإن فشلوا فمصيرهم السب والشماتة.
كجيش إن حارب وانتصر مجدوه، وإن حارب وهزم نعتوه بأبشع الصفات.
فلمنضي في عملياتنا عبر حدود الحياة المرتاحة ولنعبر أسلاكها الوهمية بروح الظهر المتين، ولنغير صباح مساء على أرض المجهول، لنقتحم ونعرف.
أعرف عقولا كانت تغير وهي في أشد لحظات النعاس. سأقول لك أمرا
إن أنجح أوقات الإغارة حين يظن العقل أنه غير مستعد لذلك.
إننا نقتحم عقولنا نحن أولا. نمضي عبر مشغوليات الحياة متسللين إلى هناك دون أن يشعر بما نفعله أحد. وهذه حياتنا أنا وأنت ومن هم مثلنا.
صديقك المخلص "إحسان"
محمد شحاته حسين (محمد العريان)

Opmerkingen