top of page

من رسائل إحسان (العبيد من حولنا)

  • Writer: محمد شحاته حسين "محمد العريان"
    محمد شحاته حسين "محمد العريان"
  • Sep 28, 2021
  • 2 min read

عزيزي محمود

بعد التحية ،


أرسل إليك بعد طول إنقطاع، فالأيام تمر في سرعة مذهلة. وعذري إنشغالي بما لا أدري ما هو. وكما تعلم فأحيانا يشغلني ما لا أعرف كيف انتهب حياتي وأشغلني. يسرقني، يأخدني من ساعاتي، يحجز أيامي، يمضغها في الإكسبريس الفاخر، أو في عين الشمس الحمراء، في زمرة أحزان مجهولة.

كنت قد كلمتني عند العبودية، والنخاسة، وتجارة البشر، وكيف أن من الناس من يعتقد أن العبودية حق سماوي.

هؤلاء يا صديقي هم العبيد، فالعبودية ليست ذلك الرسن المادي الملموس ولا عمل الخدمة بالإجبار والعوز. ولا السلاسل والقيود الثقيلة.

فما يسمونه عبدا هو حر ما لم يرضى بما هو فيه، وإننا يا صديقي لم نعرف الفرق جيدا بين العبد والأسير. وصار الإنسان إن خُطف وأُجبر عبدا، وذلك ليس حقا.

إنما العبودية أن يختار الإنسان بنفسه أن يكون عبدا، إنني لا أقول ذلك مجازا، إنما على وجه الحقيقة.

فالأسير يجبر على فعل ما لم يكن ليفعله لو كان في إرادته الخالصة، ولو بيع واشتري إلى آخر عمره فهو أسير لا عبد، رهين الجبرية والحصار والقهر.

أما العبد الحقيقي فهو الذي ارتضى أن يباع ويشترى، هو الذي يذهب إلى القيود طواعية ليفعل به سيده ما يريد، ربما هوان الحياة عليه، هوان الكرامة، ربما العوز والضعف والحاجة والفقروالشهوة والخوف.

ألف سبب يجعل الإنسان عبدا بمحض إرادته. في عقد لا يحله الإنسان بعد أن صار عبدا وإنما سيده، وذلك ليس كالخادم الذي إن شاء عمل وإن شاء ترك وقتما شاء.

فالعبد يسلم ما اتفق عليه ومن صار سيده، ربما حياته كلها.لذا فإننا نجد العبودية تختلف من شعب إلى شعب ومن زمن إلى زمن. وكل على عرفه وقانونه.وما يسطره الجبابرة الأرذال.

أما الأسير بالخطف والحرب والحيلة فليس عبدا أبدا، والأصل فيه الحرية، ما لم يتخل عن حريته بمحض إرادته.

أقول أن العبد الأول كان من تلقاء نفسه عبدا، أسلم نفسه كاملة، أو بعضها لمن صار سيده. ليسير له حياته، يمضي به فيها يوما بعد يوم، مستسلما مسلما إرادته خاضعا لا يختار.

كذا الحيلة في هذا الأمر باب واسع، فمن عبودية لقيمة معنوية إلى عبودية لمن يمثل تلك القيمة إلى تيه ونسيان، ليجد الإنسان نفسه في النهاية عبدا لإنسان مثله. يضرب بالسياط والعصي وينهر، ويهان ويجلد ويسب ويؤمر، هو ومن يأتي منه. خالصة حياته لسيده إن شاء أحياه كيفما يشاء وإن شاء قتله. بل وإن شاء أكرمه ليقال أن السيد يكرم عبده.

وفي زماننا ما أكثر الذين يسلمون أنفسهم لمن يدفع، لمن لديه قضاء مصالحهم، عبودية "التيك أواي" ، "والشورت تايم" و " عن بعد" وهم في كامل قدرتهم على الإختيار. كذا عبودية الزمن الطويل وبيع الحياة.

هذا هو اعتقادي يا محمود وهذه عقيدتي التي لا يشاكلني فيها عارض ولا إنسان.

ماضين يا صديقي نحرر أنفسنا، فإذ عرفنا مواطن العبودية ومواردها، فحتما سنتحرر.

اكتب لي يا صديقي، ولا تتأخر، فالأيام تمضي سريعة، وأنا أخشى الغفلة وأمامنا آلاف المعارك.،أخبرك أنني أخوض أتفه معركة في حياتي هذه الأيام، لكن كما تعلم وجدت نفسي أخوضها ولا يمكنني التراجع حتى النصر.




صديقك المخلص ‘إحسان"


محمد شحاته حسين





 
 
 

Yorumlar


bottom of page