مقامات الأشراف (محمد أبو النور وأخوه شرف الدين)
- محمد شحاته حسين "محمد العريان"
- May 7, 2021
- 3 min read
في محافظة أسيوط وتحديدا في مدينة أبوتيج، يتوقف التاريخ بعض الشيء لنرى ظاهرة ربما لم تتسن للكثير من المدن في مصر. مدينة صغيرة وعلى تخطيطها القديم هي في الأصل ليست كبيرة المساحة ولكن نعلم مدى أهميتها عند الناس قديما إذا علمنا أن بها ما يفوق ال300 مقام.
نعم وربما هذا الرقم الكبير له إشارة خاصة. فهذه المدينة قطنها الأشراف منذ سنين طويلة لا يمكن تحديدها على وجه الدقة. وكان في فترة من الفترات قد تعود الناس حفظ قبور الأشراف بإنشاء القباب ووقف الأوقاف عليها وزيارتها حتى وصلنا إلى عصر المماليك وانتشر مفهوم (الموالد) . وعلى سبيل العرف صار صاحب كل مقام ذي قبة وليا في نظر الناس.
ومع إزدياد التعداد السكاني وبحث الناس عن أي أرض تصلح للسكنى، أحب الكثير من الناس مجاورة هذه القباب متبركين بوجودهم إلى جوارها. وامتد الزمان بالأجيال حتى صار من الناس من يظن أن القبر الذي في جوارهم هو جد لعائلته.
وظهرت مهنة خادم المقام. وهي مهنة كانت تسند إلى من يستطيع السيطرة على أرض المقام وجمع الريع والنذور من الزائرين الراغبين بالبركة. وبالطبع كان هؤلاء الخدم هم أكثر من ادعى النسب إلى أصحاب هذه المقامات.
ومع مرور الوقت اختفى الكثير من المقامات تحت وطأة ظاهرة (الركوب) بمعنى الإستيلاء على المقام وأرضه وأحيان كثيرة التعدي عليه وهدمه.
وإذا ما كانت مدينة أبوتيج بها من المقامات ذات الصيت ومازال نظرا لحداثة عهده كمقام الفرغل وأبوحسيبة والوزير. فإن مقامات أخرى لها قصص أخرى.
قصة الأخوين.
ترعرع سكان هذه البلدة على قصة تخص مقامين لرجلين لهما في عرف الناس (بركة خاصة) وحراسة من نوع مختلف حتى أن القدامى منهم يعتقدون بقوة سلطان هذين المقامين إلى درجة أن من يذكرهما بسوء فلن يحدث له طيب.
تقول جدتي لأمي ويرجع نسلها إلى العالم الكبير (أبي الحسن الصباغ) . كنت قد نهرت خالك ألا يلعب على (البحور) حيث يتواجد مقام الشيخ شرف الدين. وبطريقة أو بأخرى قامت بسب شرف الدين. فإذا بها في ليلتها تلك تجد في بيتها رجلا مهيبا ضخما يملأه النور يمسك بمبخرة ويقوم بتبخير بيتها ثم قال لها ( ليه بتشتميني؟) وأردفت قائلة شعرت بخوف شديد فخرج من البيت كأنه اختفى .ومن حينها توقفت عن الإتيان بسيرة هذا الشيخ وعرفت قدره.
في ستينات القرن الماضي وبعد قيام ثورة 1952 المجيدة. كان للثورة أهداف كبيرة من بيتها الإهتمام بالتعليم وإنشاء المدارس. وكان المكان الذي به الشيخ شرف الدين وأخوه يقع على أرض واسعة شرق مدينة أبوتيج. ولم تكن المدينة كبيرة آنذاك فكل المدينة كانت تنحصر في شوارع معدودة ودروب وجماميز وأزرقة وحارات طويلة ضيقة ملتفة وكلها مليئة بالمقامات والقباب.
وكان القرار الحكومي بوجوب نقل مقام الشيخ شرف الدين. ولذلك قصة.
كان المقام كما يصفه كبار السن عبارة عن قبة أرضية المستوى تحيط به الجدران وله سقف وحول القبة الأرضية هناك ما يشبه السيوف والرماح الخشبية تحيط به من كل مكان ويقولون أن هذا هو سلاحه الذي أتى به من مكة. وكان الناس يتقاسمون إنارة ضريحه وضريح أخيه في تلك الأيام بالقناديل وزيتها،.
وبالطبع لا يمكن للحكومة حينها نقل المقام بسهولة، وتعسر الحال وظل قرار نقل المقام متوقفا، حتى قال أحد الناس (والله أنا رأيت رؤيا غريبة رأيت الشيخ شرف يقول محدش يخاف، انقلوني ناحية البحر). وافترق الأخوان شرف ومحمد.
قام الناس بحفر مقام الشيخ في حراسة كبيرة من الشرطة وبحضور قيادات شعبية وأمنية. حتى وجدوا لوحة كبيرة كأنها مصنوعة من الرخام مكتوب عليها آية الكرسي واسم الشيخ. سرى الخبر في المدينة أسرع مما ينبغى وتجمهر الناس من كل حدب وصوب. وكان يوما مشهودا يحكيه كبار السن إلى الآن.
ومن عظم هذا اليوم ولأسباب يعرفها العاملون في تلك المجالات الخاصة بالطرقية والتصوف. قامت معركة كبيرة إذ صرخ أحدهم (لا لا الفرغل أكبر منه الفرغل أكبر منه) وكأنه حسد ميتا على تجمهر الناس حوله. وحاول الناس إسكاته وصرفه وتطور الأمر وحدث تشابك بالأيدي بين الناس وقامت الداخلية بفضه.
وفي دفن يليق بالشيخ. تم تحديد أرض واسعة له على البحر تبعد تقريبا عن مكانه الأصلي 100 متر فقط. وتم بناء قبة هائلة فوقه. وتولى التخديم عليه عائلة (آل عشري). وبنيت مدرسة للبنين مكان أرض المقام القديمة وما حولها. بينما بقي محمد أبو النور في مكانه القديم. وهو الآن في حيز بيت بني حوله ولمن يريده أن يستأذن أهل هذا البيت الذي اشتراه أناس من أناس عبر الزمن.
ولم تتوقف قصص الشيخ شرف الدين. فهو يقع على شاطىء البحر مباشرة (النيل) وفي تلك المنطقة فإنه ما إنسان يعبث ويحاول السباحة عابثا إلا ويتعرض لمشكلة وفي أحيان كثيرة تصل إلى الغرق. ففي مدينة أبوتيج من المعلوم أن أخطر منطقة للعوم هي منطقة الشيخ شرف الدين الحسيني. بينما على الناحية المقابلة من شارع البحر يقع مقامه القديم حيث أنشئت مدرسة للبنين تحولت فيما بعد إلى مدرسة ثانوية بنات تحت اسم (مدرسة الدكتور محمود يونس).
تكثر القصص عن حال المقامين. مقام الشيخ شرف ومقام الشيخ محمد أبو النور.
وكان لأبي في الثمانينات أن قام وصديق له بشراء الأرض كلها من مقام الشيخ شرف حتى بيتنا الحالي وباعها بعد عدة أيام. وكان لذلك أثر سيء عند (سيدي حسين) الذي قال رحمه الله (أبوك لا يهتم).
الشيخ شرف الدين .
هو الشيخ شرف الدين بن عون بن شرف الدين
الشيخ محمد أبو النور
هو الشيخ محمد أبو النور بن عون بن شرف الدين.
محمد شحاته حسين

Comments