top of page

ذرية الإمام محمد بن الحسن العسكري

  • Writer: محمد شحاته حسين "محمد العريان"
    محمد شحاته حسين "محمد العريان"
  • Dec 29, 2020
  • 10 min read

Updated: Feb 14, 2021

في خضم علوم الأنساب التي أساسها التدوين لم تهدأ راعية لأعين عن سؤدد ومجد النسب الشريف لما له من وجاهة دينية وتاريخية قبلية لم يتسن لغيره.

ودون أن نستكثر من لزوم المقدمات فلندخل في صلب الموضوع .

تميز النسب الحسيني بمفهوم الإمامة عن نظيره الحسني تاريخيا وعقديا عند غالبية من المسلمين. والتصقت به بكل ما يحمله مفهوم الإمامة من مسؤوليات جسام ومشاكل كانت تنتهي غالبيتها بقتل الإمام أو مطاردته

حتى موته. هذا إلى جانب تكثيف الدعاية المضادة ضد مفهوم الإمامة بشكل عام وضد مفهوم التخصص لها في الفرع الحسيني بشكل خاص.

وإن كان الإختلاف حول الإمامة قد ظهر مبكرا أبان حكومة الأمويين التي ما همدت إلا وقد نجحت إلى حد بعيد في شق صفوف البيت العلوي بشكل خاص والهاشمي بشكل عام.

وكان الأمويون يمارسون كافة وسائل الترغيب والترهيب مع آل البيت مستخدمين كافة وسائل الحرب النفسية وصولا إلى التصفية الجسدية.

وإنه من العبث في النظر في أقوال كافة فرق الإسلام وفي مجمل الأدبيات الموروثة من أشعار وقصص ومرويات أن نقول أن الإمامة وهم. بل إنه ما من جدل قام بين فريقين من الناس أكثر ما قام حول مفهوم الإمامة.

ولا يمكن تعديد محاولات البيت الأموي لطمس معالم مفهوم الإمامة على يد فقهاء ومحدثين. كان عمدة مشاريعهم الفقهية نقض الإمامة. وكان إنكارها هو الثمن الذهبي الذي يدفعه الفقيه أو المحدث للوصول إلى دوائر الحاكم للحصول على منافع دنيوية.

وإنكار الإمامة بالرفض فقط لا يمكن أن يسوغه العقل والإستناد إلى رجال لديهم خبرة دينية وكلامية هو الحل الأمثل الذي يمكن الحاكم من البطش بالقائلين بها مستشهدا بفتاوى وأقوال شيوخه الذين كان يتم اختيارهم بعناية على أسس قبلية وعلمية تمكنهم من إذاعة وبث أقوالهم مدججة بالتأويلات والنصوص مسندة إلى الوحي / القرآن والحديث.

ورغم ذلك استمر الأئمة في حمل الرسالة. ملاقين في ذلك أشد أنواع الذل والهوان. حتى تم وصف دعوتهم على يد باحثين جدد من الذين ينكرون الإمامة بأن هؤلاء / يقصد الأئمة/ هم أول من أسس للدعوات السرية التخريبية.

وبالطبع لم تخل أسلحة العدو من بث الفتنة والشقاق داخل صفوف البيت العلوي. الذي عانى الفقر والتشريد بشكل يشبه تماما ما حدث مع جدهم أبان الحصار القرشي لمحمد وعشيرته في شعب أبي طالب.

ولما كانت الإمامة مشروطة بدقة فإن أنفس ضعفاء الهاشميين أنفسهم طاقت إلي سؤددها. ونظرت فيما يمكن تحصيله منها إذ رضي الحاكم عن الإمام .وما ذلك بالأمر العسير فما هو إلا الرضوخ والسكوت والميلان حتى يرضى الحاكم فتتدفق الأموال والمناصب.

ولا يوجد في تاريخ آل البيت أجمعين من خلال كافة الفرق أن نسمع عن حسني استبرأ من إمامة الإمام الحسيني. وإن التاريخ ليخزي القائلين ببطلان الإمامة ولا يمكن لهم إلا منع ذكرها ومنع التفاف الناس للنظر في أمرها ومفهومها . حتى صارت عند غير أهلها غريبة مهجورة منكرة. الداعي لها كالداعي إلى كفر وتكذيب.

ولما كان الأمر مستتب للإمامة في الفرع الحسيني. رأى حكام بني أمية أن يزيدوا الضغط على الهاشميين أجمعين. وما كان لهم في ذلك حاجة فقد كان الهاشميون يعلنون لبني أمية العداء .

إلا أن فقهاء بني أمية رأوا أن صرف الناس عن الإمامة لا يكون إلا بنشر مفهوم الولاية. وتلك كانت الضربة الكبرى التي وجهتها الحكومات لآل البيت من خلال نشر التصوف الطرقي الذي يضمن للناس الإبتعاد عن مفهوم الإمامة وصنع حالة من شيوع السيادة. ومالبث أن التصق التصوف الطرقي بآل البيت ولم يغادر فيه شاردة ولا واردة حتى استطاع بالفعل استقطاب حقيقيين من آل البيت. ولزيادة التعمية فقد ظهر ما يسمى مفهوم النسب الروحي. حتى يتم القضاء على أهم شرط من شروط الإمامة ألا وهو الإنتساب إلى آل البيت. وقد استخدم صلاح الدين هذا السلاح ببراعة فهو وإن كان سلاح ساعد العديد من الحكومات للقضاء على مفهوم الإمامة فقد رأى أنه يصلح للقضاء على الفكر الفاطمي في مصر بعد احتلالها لنفسه وليس كما يقول المؤرخون العابثين بعقول الناس أنه فعل ذلك لإستعادة السيادة العباسية. فقد عانى آل العباس من الأيوبيين الأمرين وكان يتم التعامل بينهم على سبيل أنها مجرد صفقة يتم بموجبها القضاء على الخلافة الفاطمية لصالح الإبقاء على الخلافة العباسيىة منفردة البساط مقابل حصول الأيوبيين على حكم مصر والشام والحجاز واليمن. فقد ورث الأيوبيون الخلافة الفاطيمة وراثة قاطع طريق ولم يستطع الخليفة العباسي ممارسة أي من سلطاته على الأيوبيين حتى وصول شجرة الدر إلى كرسي الحكم في مصر.

ولو قرأ الناس كيف جرت المعارك بين الصليبيين والفاطميين وكيف جرت بين صلاح الدين والصليبيين لضجوا من شدة ما ائتمر به حكامهم عليهم من تاريخ مزين مزخرف بالأباطيل ومرويات الصعاليك.

ظهر الخلاف بين أفراد البيت الحسيني الواحد وبشدة . وانقسم الناس إلى فرق شيعية. كل فرقة ولها إمامها المعتبر ناقضة ماسواه. ورغم تلك العواصف التي كادت تودي بآل البيت أجمعين استغل ضعاف النفوس من الناس انقضاض الحكام المستمر على آل البيت. حتى صاروا يتعاملون مع الأئمة معاملة غير إلزامية وما كان لإمام على شيعته أمر ولا نهي إلا من خلص منهم وهم قلة. وهذه القلة كانت دائما ما تواجه بأشد أنواع التنكيل والبطش على يد الحكام.

حتى صار التقرب إلى الحاكم يتم بوشاية حقيقية أو مدسوسة عن أي من رجالات آل البيت. وإن كانت الإمامة قد لمعت في أعين الكثير من الهاشميين فمابالنا بعامة الناس من العرب وغيرهم. الذين رأوا في الإمامة سلطة الهية لا يمكن لحاكم أن يأتي عليها مهما فعل فالإمام إمام ولو كان وحده على عكس الخليفة فهو يحتاج دائما إلى حكومة.

تسرب الحقد والغل إلى صدور الناس بشكل عام وإلى كثير من رجال آل البيت بشكل خاص. وكلما انحصرت الإمامة في فرع من فروعه اشتدت الأزمة لضياع حظ غيرهم عنها. حتى جاء زمن الإمام الحسن العسكري. كانت فيه الإمامة ضعيفة الوجود قليلة الأتباع غلب على أتباعها الخوف والفقر وغلب على إمامها الحزن والكروب. حتى شعر الإمام بقرب الإنقضاض النهائي عليها. ولو حدث وانقطع نسله لتشرذمت الإمامة وتفتت ولادعى كل فرع إماما. وكيف لا وقد حدث هذا على يد أجداده مع إخوانهم وأبناء عمومتهم.

“نظر الحسن العسكري في الآفاق ورأى أن الشمس مالت إلى المغيب ويا ويل بيت آل محمد من الليل وإن كانوا سادته فهم “الأقمار

مر العمر بالإمام سريعا. واستشعر ضياع ولاية آل محمد إن انقطع نسله. وتكالبت الناس تنظر في أمره بين شامت به خاصة وبين شامت بآل محمد عامة وبين محزون لأمره ضائق للحال صدره. حتى ولدت له زوجه .

وفي خلال انشغال الإمام بالدراسة والإنقطاع لطلب العلم ولشعوره بأن عليه مسؤوليات جمة خطيرة كان يلزم نفسه تعلم ما استطاع من ألسنة الناس. فإن كان للإمام أتباع فهم كسفينة صغيرة في موج هائل من بحورالأعداء كانت لهم دعايتهم وشيوخهم وفقهاؤهم الذين طرقوا البلاد شرقا وغربا ناشرين الإسلام على شروط الحاكم وإن خالفوه في مواضع فقد اتفقوا معه في مواضع هي التي رسخت للفرقة فيما بعد . حتى كاد يغيب عن الناس فضل آل محمد في الإسلام وأحوالهم وما آلت إليه شئونهم. فكان الإمام يرد الشائعات ويحاجج ويراسل ليبين للناس قدر ما استطاع دينه الذي تعلمه .

وكانت مراسلات الأئمة عادة ما تتم بشكل أشبه بتهريب الكتب والأوراق. وكان يتم مراقبة أحوالهم كلها. الداخل والطالع والكاسب والخاسر. ولم يلتزم الأئمة بهذا الأسلوب إلا خوفا على أتباعهم وإلا هم فقد كانوا على وضعهم يهددهم الحكام تارة ويرغبونهم تارة وهم في الحالين على ثبات الجنان ووقار النفس راسخون في العلم.مهتدين بهدي جدهم الرسول. لا يضرهم من خذلهم من أولي قرباهم ولا بعداهم.

وكان الأئمة يتحملون من قرابتهم ما يشق على النفوس تحمله . وكان الصبر شعارهم فما بين ابن عم حاقد وأخ كاره وخادم مدسوس وصاحب غادر وحاكم متربص.كانت تجري أمورهم كسفينة جدهم نوح في موج كالجبال. حتى كان من الناس من يمل سمتهم الراسخ وأخلاقهم المنزهة وأحوالهم الميسرة رغم المحن.

حتى ولد الإمام محمد بن الحسن العسكري الملقب بالمهدي.

وإذ كان لهذا اللقب دواهيه. فكيف بهذا الصغير أن يتحمله وهو من آل محمد وقد كره وجوده أهله قبل عدوه. فهو وريث الإمامة والناطق بها وعليه قطبية الأمور. وإن مما زاد الهم هما أن في وسط زخم الأحاديث التي تقول بقائم آل محمد وتسميته المهدي فقد شاعت الأحاديث والأقوال على ألسنة الناس الخاص منهم والعام بأشكال مختلفة وصفات عجائبية صرفة .حتى صارت دعوى المهدية مشاعا في الناس بين قرشيين وغيرهم. فكل من ارتئى في حاله شيئا قال أنا هو وإن كان يبغي شيئا صاغ قولا أو حديثا يريد به مجدا أو قربى عند سلطان أو حاكم يريد ادعاء المهدية.

وللقارىء أن يرجع إلى تاريخ هذا اللقب نفسه ليعرف كم من إنسان ادعى المهدية قبل ولادة محمد بن الحسن العسكري ومن أي أناس هم وما هي أحوالهم.

لم تتمثل الإمامة أمور التخفية في زمن محمد بن الحسن وحده بل كانت هي الديدن في آل محمد لأسباب قهرية وليس هو أول من يلف حياته الغموض منهم ولا أول من تعرض أبوه منهم للتسخيط والسب.

وإذ كان الأعداء قد رأوا أن موت الحسن العسكري هو نهاية السلالة الإمامية وإن من بعدها ليهون أمر القضاء على كل من يدعيها بعدهم. وإذ كانت الإمامة مبنية على شروط من لزومها أن يكون للإمام ابن. فلو مات الحسن العسكري بلا ابن لانتقضت الإمامة من أساسها على الأقل من الفرع الموسوي/ الذين يعود نسبهم إلى الإمام موسى الكاظم.

وإن هذه لجائحة تمناها القريب والبعيد. فها هو الفرع الإسماعيلي الهارب/ نسبة إلى إسماعيل بن جعفر/ قد انزوى بداية مذ انتقلت الإمامة من الإمام جعفر الصادق إلى الإمام موسى الكاظم دونهم. فقد مات إسماعيل بن جعفر في حياة أبيه. وقد عشموا أن تنتقل الإمامة إليهم. إلا أن المرويات التاريخية تقول بأن جعفر عهد بها إلى الإمام موسى بعد وفاة أخيه.

وكان من أشد المراقبين لحال الإمام الحسن العسكري أخوه جعفر الكذاب/ الذي يسميه أهل السنة (جعفر المصدق) فهو اللؤم.فإن سميته كذابا قالوا أو يكون الرجل كذابا وله ذرية كبيرة/ يخوفونك الشحناء معهم. وإن قلت المصدق فأنت بذلك ستثبت لهم ما أرادوه.

نفي ولادة الإمام محمد بن الحسن العسكري

رأى الضالعون في نسج الأمور وحياكة المؤامرات أن تقريب جعفر بن الإمام علي الهادي دون أخيه الحسن العسكري أمر سيعجل من القضاء على الإمامة. فإذ ينشب الصراع بينهم فهذا إيذان بانصراف الناس عنهم . هذا مع وجود فروع علوية أخرى كانت قد استمرأت ادعاء الإمامة وغوت.

شعر الإمام الحسن العسكري بدنو أجله وأن ابنه محمد إن لم يحتل له بحيلة لقضوا عليه. فأخفاه عن زواره . وفي تلك الأوقات إن نعلم حال الحسن العسكري نفسه وشخصيته وأوضاع البلاد في زمنه. فإن مجيء الناس إليه والإنصراف عنه أمر شديد الخطورة. وكيف لا وهو المتربص به من الحاكم المنتظر الإنقضاض عليه بأي تهمة تكفل انهاء أمره إلى الأبد. حتى أنه ومن قبله أبيه كان لابد أن يذهب كل يوم اثنين وخميس إلى دار الحاكم. ظاهر الدعوة الترحاب والتقريب. وباطنها التأكد من وجوده ورصد تحركاته وكسب الناس إليه أن الخليفة يحب الإمام ويقربه وأنه ما من مشاكل بينه وبين آل محمد.

حقيقة إن النظر إلى الإمام محمد المهدي دون النظر إلى أحوال أبيه الحسن العسكري أمر قاصر . فمأساة الإمام الحسن وحياته هي بحق البطولة الموصوفة والجميل الكبير.

في تلك الأوقات كان احتكاك الناس بالإمام قد قل جدا. ونعرف ذلك من خلال المسائل التي أجابوا عليها والوفود التي قابلوها. فلا يمكن بحال أن نقارن مثلا الإمام جعفر الصادق بسعة شيوع علوم الإمام الحسن العسكري. فالأول قد اتيح له بسط علمه ونفوذه أما الثاني فقد وصل إلى نهاية الطريق الشرقي.

وما أشبه ضائقة أم محمد المهدي بمريم ابنة عمران. فهي في الشرق اتخذت من دونهم مكانا شرقيا.تخاف الناس.


وهنا بدأت قصة أخرى.

وحدثت القصة المشهورة التي بسببها انقسم لقب جعفر بن علي إلى مصدق وكذاب.

وفي تلك الظروف أخفت السيدة نرجس ابنها وأدخلته في سرداب.

السرداب

تعددت توهمات الناس وقصصهم حول السرداب ومعانيه ما بين حقيقة وخيالات وما هو ممكن الوقوع وما هو في طور المعجزات.

وما كان الفرق المعادية إلا أن تقدم جعفر بن علي ليكون كلامه مصدقا عند الناس بقوله أن محمد بن الحسن لا أعرفه.وما أصعب شهادة العم أن ينكر ابن أخيه الصغير.

فرأى علماء السنة /ضعاف النفوس منهم/ أن الحل للتخلص من الإمامة هو البت بقولية انعدام العقب للحسن العسكري. فلا محمد ولا مهدي ولا هروب ولا غياب ولا ضوائق ولا كذاب ولا مصدق. وساعدهم في ذلك سكوت الكثير من الهاشميين عن الأمر . ورغم رحى المعارك القائمة بين العباسيين والعلويين.وأعظمها موقعة فخ التي أبيد فيها غالبية العلويين. كانت قوى بني هاشم قد همدت في الفريقين. فالعباسيين قد بدأت في كنف خلافتهم تظهر الكثير من الدول رغما عنهم في حالة من الإنشقاقات الكبرى والعلويين قد فقدوا الكثير من دمائهم. في ذلك الوقت كانت دولة الأدارسة في المغرب في أوج قوتها وسطوعها.

وما لا يحب الكثيرون ذكره أن الأدارسة الأوائل كانوا من الشيعة مذهبا. وتلك ضربة قاصمة لمن يريدون الترويج لزرع الخلاف حول مفهوم (قصور الإمامة على أبناء الحسين) فإن يكن ملوك من الحسن يؤمنون بالإمامة في الفرع الحسيني فذلك لا طاقة لهم به لذكره.

وفي الناحية الأخرى ومن باب خبط عشواء. كان علماء السنة يسارعون في نسج الحبكات الحديثية لخلخلة الإمامة.

ما بين مثبت على شروط اخترعها بنفسه وما بين منكر لها تمام الإنكار. بدأ الهجوم صراحة على آل البيت والنيل من رجالاتهم. حتى أن القارىء العادي إن تتبع أقوالهم لوجد أن هؤلاء قد فرغوا مفهوم آل البيت من معانيه ورجاله وكأنهم يبجلون حجارة البيت لا آل البيت.

فبعد أن يتم الهجوم على كل أئمة آل البيت بداية بوصفهم بالعلم العادي ومساواة أقدامهم ورسوخها في العلم بكثير من رجال الناس وصولا إلى إنكار أحقية هؤلاء في مفهوم الإمامة. حتى وصل الأمر إلى في كثير من الأحيان إلى اتهامهم بالجهل وبأنهم عالة على رجال علماء أهل السنة.

إلا أن مفهوم المهدي لم يستطع أهل السنة انتزاعه بالكلية وإن كان هناك محاولات كبرى لكثير من رجالهم تحاول انهاء هذا المفهوم مدججين أنفسهم بالتأوليلات والإستنباطات المغرقة في التفاهة والعبث .

إن تاريخ آل البيت حقيقة لا يمكن التماسه إلا من شيعتهم. سواء صحت عقائدهم أو بطلت. فالتاريخ بضاعة ولم نجد من تلك البضاعة إلا القليل جدا عند أهل السنة.

هرب الإمام واتخذت نرجس مكانا قصيا. وكان المغرب حيث دولة الأدارسة هو وجهته.

وبعيدا عن الحبكات الدينية التي يعشقها سماع الحكايات والقصص.

فإن هروب الإمام/ أو ما يسمى غيبته الكبرى. أراح الكثيرين من الأتباع من كل الفرق. سواء من شيعة آل البيت أو السنة.

واحتفظت الذاكرة المشرقية بقصص تروى عن الإمام وتحكى عنه. وانقطعت أخباره.

ولا يمكن بحال / إلى اليوم/ تتبع أخبار ما حدث للإمام على وجه التفصيل إلا من خلال ذريته ومشجراتها الموروثة.

المشجرات المهدية.

بالطبع التزم الكثير من الشيعة بعد غياب الإمام بقولية الغيبة والظهور. وأنه من المحتم أن يعود الإمام محمد بن الحسن هو لا غيره ليكون هو المنتظر في أدبياتهم وعقائدهم.

بينما رأى الطرف الآخر/ السنة ومن معهم في تلك القضية (الخوارج)/ أن القول ببت عقب الإمام الحسن هو الحال وأنه لا عقب له وإن كان فقد مات طفلا هذا العقب المسمى محمد ولا يمكن بحال أن يعود.

لكن وفي كلا الفريقين هناك حالة من شيوع الإعتقاد . إذ نجد في الشيعة والسنة من يقول بوجود لا عقب للحسن بل بوجود عقب للإمام محمد المهدي نفسه.

ويجب أن ننوه أن الإمام الحسن العسكري في بعض كتب الأنساب ليس له ابنه محمد فقط بل وله إبراهيم وعلي وموسى وفاطمة وفي بعضها عائشة وفاطمة ومحمد وعلي.

وما علم الأنساب في ذلك الوقت ببعيد عن الإشتباكات العقدية. وخاصة في فرع هو أهم فروع العالم قيمة .

وإننا لا نقول بالسنة والشيعة من باب تغليب فريق على فريق إنما نتحدث في تلك المسألة ولا نتطرق إلى ما يخص هذا الخلاف الكبير المستمر إلى اليوم.

ومن خلال قراءاتي ومعرفتي فإن أهم ما جعل إشكالية وجود عقب للإمام محمد بن الحسن العسكري هو إكبار هذا الأمر في أذهان الكثيرين من الفريقين. وإن حاول كل منهم أن يصوغ صياغة ذات طابع علمي يؤصل لسببية القبول أو الرفض. كقول بعض السنة أن الشيعة يريدون إثبات ولادة المهدي لأنهم يعتقدون أن لابد للإمام من عقب وإلا لانتفت الإمامة ولبطل قولهم. وهذا قول مأفوك باطل لمن يعلم بالمذاهب حق العلم.

وإن من السهل تلفيق الأسباب والنظر في النيات فأولا وأخيرا هي مجرد أقوال.

ولم يزل أمر هذا الفرع في مشاكله إلى اليوم خاصة فرع الأمير الحسين الفاسي. حتى تكالب الناس وتصارعوا لإثبات بطلان الإنتساب إلى الإمام محمد المهدي. وقد استطاعوا تصيد الكثير من ذريته موهمينهم أن جدهم هو جعفر المصدق. ناهيك عن كم الأنساب الدخيلة في هذه الأعمدة أصلا مقابل المال والمصالح الشخصية. حتى أن من كبار رجال الأشراف في هذا الفرع اليوم من ليسوا في الأصل عرب أصلا إلا وأنها أسباب سياسية واجتماعية وإلا أنهم لذوي الخصاصة معلوم دخلهم.. وللمقال بقية.

يستكمل..

محمد شحاته حسين

ارتفع وشاهد

مصر 2020

 
 
 

Comments


bottom of page