top of page

ديك العرش

  • Writer: محمد شحاته حسين "محمد العريان"
    محمد شحاته حسين "محمد العريان"
  • Dec 5, 2020
  • 13 min read

لعل الديك كطائر له من نصيب الذكر في الحضارة الإسلامية ما له في غيرها على وجه نحاول من خلال هذه المقالة البسيطة توضيح ما قيل عن مفهوم " ديك العرش". وما يذهب إليه معناه خاصة أنه متعلق بمفردات قرآنية هامة تخص العقيدة كالكرسي والعرش والسماوات ومفهوم الإستواء. وهي المفردات التي يصعب جمع تعاريفها إلا بجهد وتتبع بين كافة الفرق الإسلامية القديمة والحديثة.

وإذ ننطلق من خلال معرفتنا الوجيزة بالحضارة الفاطمية محاولين سبر أغوارها التي غاب أكثرها بعد اختفاء الدولة الفاطمية يحاول عنها البحث الكثير من الباحثين وكأنها حضارة سبقت تاريخ التدوين لما اكتنف دينها من غموض وما وصل إلينا عنه فهو مليء بالتحولات والآراء السياسية والجغرافية. لما واجته هذه الدولة من حروب تكاتف فيها ضدها الصليبيون والعباسيون والأتراك والسلاجقة وغيرهم من الدول التي عاصرتهم في سابقة هي الأولى في تاريخ الإسلام أن يتفق المختلفون على الفتك بدولة دامت قرابة الأربعة قرون. وما إن انتهت حتى ألصق بها كافة ما التهم وإن سبقتها دولة أبناء عمهم الأدارسة التي واجهت نفس المصير التغييبي المتعمد على يد أعداءها المختلفين.

حتى أننا نتعامل مع تلك الدول من وراء حجب تاريخية كثيفة مثيرة لكثير من التساؤلات.

وقد عمدنا في مقالتنا هذه إلى تقسيم توضيحي لإشكالية "ديك العرش" يسهل الغرض الذي من أجله كتبناها.

بما جاء في أحاديث أهل السنة والشيعة وختاما بالفاطميين أو المذهب الإسماعيلي الأصلي كما وصلنا عن داعيته الأكثر شهرة. قاصدين البحث عن تأصيل لما جاء في القصيدة الثانية لداعي الدعاة الفاطمي المؤيد في الدين هبة الله أبونصر بن موسى بن داود الشيرازي صاحب كتاب "المجالس المؤيدية" الشهير بالمؤيد.دون أن ندخل في نقد الأحاديث. وله ديوان هو ما قصدنا منه الإنطلاق لفهم العقيدة الإسماعيلية إلى جوار ما يصل إلينا من كتب بعدما استقرءنا من الكتب خلاصة أن الدليل لديه والإشارة إليه فيما يخص مذهب الفاطميين. وقد جاء في ذكر قصيدة للمؤيد مطلعها " بَديعُ شُكْرٍ وَوسِيعُ حَمْدِ لِمُبْدعِ الكَاف الرفِيع المجْدِ"

قال المؤيد في الدين :

"والعقل قد ميزكم عن بُهْم راعيةٍ في الأرْض صُمٍ بُكمْ

وإن ديك العَرْشِ ذو شَأنٍ عجَب قد لزِم السؤَالُ عنه ووَجَب

قالوا عظيم هو إذْ نُعَاينُه ففي تُخومِ أرْضِنَا بَرَاثنُه

والرأسُ تحْتَ العَرشِ يَرْويه الأثر له جناحان كما جاء الخبر

قد وفَّيا بالشرق والغرب معا ذا مَغْرِباً نَالَ وهذا مَطْلَعاً

ودَأبه ترَصُّدُ الأوقاتِ من قَبل الأذَان للصّلوات

حتى إذا ما حان وقتٌ أذَّنا مُذَكرِّاً وواعظا ِلمَنْ وَنى

وموقظا من رَقَداتِ غَفْلتهِ وداعيا نْحو الهُدىَ من ضلته

فعنده تجيبُه الديوكُ طَريُقه لدْيهِمُ مَسْلوكُ

يا أمة قد عَدِمتْ تبْيَانها إذ جَعَلْت دَلِيَلها عميانها

ما الله بالمطفئ نورَ العقلِ كلا ولا الموقد نار الجهل "


وبداية نذكر الأحاديث التي جاءت عند أهل السنة فيما يخص "ديك العرش"

[ الحديث الأول ] حديث أبى هريرة

قال الطبرانى (( الأوسط ))(7324) ، وأبو الشيخ (( العظمة ))(5/1755) كلاهما : حدثنا محمد بن العباس الأخرم ثنا الفضل بن سهل الأعرج ثنا إسحاق بن منصور ثنا إسرائيل عن معاوية بن إسحاق عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة قال قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( إن الله تعالى أذن لي أن أحدِّث عن ديكٍ ، قد مرقت رجلاه الأرض ، وعنقه منثني تحت العرش ، وهو يقول : سبحانك ما أعظمك ربنا ، فيرد عليه : ما يعلم ذلك من حلف بي كاذباً )) .

وقال أبو القاسم : (( لم يروه عن معاوية إلا إسرائيل ، تفرد به إسحاق بن منصور )) .

قلت : بل تابعه عن إسرائيل : عبيد الله بن موسى باذام العبسى .

قال الحاكم (( المستدرك ))(4/330) : أخبرنا أبو عبد الله الصفار ثنا أحمد بن مهران ثنا عبيد الله بن موسى أنبأ إسرائيل عن معاوية بن إسحاق عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : (( إن الله أذن لي أن أحدِّث عن ديكٍ ، رجلاه في الأرض ، وعنقه مثنية تحت العرش ، وهو يقول :سبحانك ما أعظم ربنا ، فيُرد عليه : ما يعلم ذلك من حلف بي كاذباً )) .

وقال أبو عبد الله الحاكم : (( هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه )) .

وقال الحافظ الهيثمى (( مجمع الزوائد ))(8/134) : (( رواه الطبراني فى (( الأوسط )) ورجاله رجال الصحيح ، إلا أن شيخ الطبراني : محمد بن العباس بن الفضل بن سهل الأعرج لم أعرفه )) .

وأعاده فى موضع آخر (4/180) ، فقال ولم يستثن : (( رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح )) .

وكذا قال الحافظ الزكى المنذرى فى (( الترغيب والترهيب )) : (( رواه الطبراني بإسنادٍ صحيح ، والحاكم وقال : صحيح الإسناد )) .

وأقرَّهم جميعاً الشيخ الألبانى فى (( السلسلة الصحيحة ))( ح150) ، وزاد فقال : (( قد صحَّ الحديث ، والرواة كلهم ثقات من رجال البخارى غير ابن الأخرم ، وهو من الفقهاء الحفاظ المتقنين كما فى (( لسان الميزان )) . على أن إسحاق بن منصور لم يتفرد به عن إسرائيل ، فقد تابعه عبيد الله بن موسى . فالحديث صحيح الإسناد )) .


قال الحافظ ( ج3/ ص8:6) : باب ما ذكر أن في السماء ديكاً

فيه عن جابر ، وابن عباس ، والعرس بن عميرة .

فأما حديث جابر فله طريقان :

[ الطريق الأول ] أنبأنا محمد بن عبد الملك أنبأنا إسماعيل بن مسعدة أنبأنا حمزة بن يوسف أنبأنا ابن عدى حدثنا محمد بن الحسن البصري حدثنا على بن بحر أنبأنا على بن أبى على عن محمد بن المنكدر عن جابر أن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : (( إن لله ديكاً ، عنقه مطوية تحت العرش ، ورجلاه في التخوم ، فإذا كانت هدأة من الليل ، صاح : سبوح قدوس ، فصاحت الديكة )) .

[ الطريق الثانى ] أنبأنا عبد الوهاب أنبأنا محمد بن المظفر أنبأنا العتيقي حدثنا يوسف بن أحمد حدثنا العقيلى حدثنا مبشر بن موسى حدثنا الحميدى حدثنا على ابن أبى على اللهبى عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله أن النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : (( إن لله عزوجل ديكا ، براثنه في الارض السابعة ، وعنقه منطوية بالعرش ، فإذا كان هوى من الليل ، قال : سبوح قدوس ، قال : فعند ذلك تصيح الديكة )) .

وأما حديث ابن عبَّاسٍ : فأنبأنا محمد بن أبى طاهر أنبأنا الحسن بن على عن على بن عمر الحافظ عن أبى حاتم حدثنا محمد بن سدوست النسوي حدثنا حميد بن زنجويه حدثنا محمد بن خداش حدثنا على بن قتيبة عن ميسرة بن عبد ربه عن عمر بن سليمان الدمشقي عن الضحاك عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( لما أسرى بى إلى السماء ، رأيت فيها أعاجيب من عباد الله وخلقه ، ومن ذلك الذى رأيت في السماء ديك ، له زغب أخضر وريش أبيض ، بياض ريشه كأشد بياض رأيته قط ، وزغبه أحمر كأشد حمرة رأيتها قط ، وإذا رجلاه في تخوم الارض السابعة السفلى ، ورأسه عند عرش الرحمن ، مثنى عنقه تحت العرش ، له جناحان في منكبيه ، إذا نشرهما جاوز المشرق والمغرب ، فإذا كان في بعض الليل نشر جناحيه وخفق بهما وصرخ بالتسبيح لله تعالى يقول : سبحان الملك القدوس ، سبحان الله العظيم المتعال ، لا إله إلا الله الحى القيوم ، فإذا فعل ذلك سبحت ديكة الارض ، وخفقت بأجنحتها ، وأخذت في الصراخ ، فإذا سكن ذلك الديك في السماء ، سكنت الديكة )) . وذكر حديثا طويلا في قصة المعراج شبيها بعشرين ورقة .

وأما حديث العرس: فأنبأنا إسماعيل بن أحمد أنبأنا ابن مسعدة أنبأنا حمزة أنبأنا ابن عدى حدثنا على بن إبراهيم بن الهيثم حدثنا أحمد بن على بن الافطح حدثنا يحيى بن زهدم بن الحارث الغفاري عن أبيه عن العرس بن عميرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( إن لله ديكا ، براثنه في الارض السفلى ، وعرقه تحت العرش ، يصرخ عند مواقيت الصلاة ، ويصرخ له ديك السموات سماء سماء ، ثم يصرخ بصراخ ديك السموات ديك الارض ، يقول في صراخه : سبوح قدوس رب الملائكة والروح )) .

[ الحديث الخامس ] حديث عائشة

قال أبو الشيخ (( العظمة ))(523) : حدثنا محمد بن العباس الأخرم ثنا الحسن بن الربيع ثنا عبد الصمد بن عبد الوارث ثنا حرب بن سريج ثتنا زينب بنت يزيد العتكية قالت : كنا عند عائشة رضي الله عنها ، فجاء رهط من أهل الشام ، فيهم شهر بن حوشب ، فذكروا الصلاة ومواقيتها ، فقالت : إني أحب أن أتخذ ديكا إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( إن لله تبارك وتعالى ديكا ، رجلاه تحت سبع أرضين ، ورأسه قد جاوز سبع سماوات ، يسبِّح في إبان الصلوات ، فلا يبقى ديك من ديكة الأرض إلا أجابه )) ، فلا أحب أن يعدم بيتي أن أتخذ الديك .

وأخرجه إسحاق بن راهوية (( المسند ))(1782) : أخبرنا عبد الصمد بن عبد الوارث ثنا حرب بن سريج حدثتني زينب بنت يزيد العتكية به نحوه .


[ الحديث السادس ] حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ

قال أبو الشيخ (( العظمة ))(5/1756) : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ رَوْحٍ الشَّعْرَانِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُدَ وعَلِيُّ بْنُ دَاوُدَ الْقَنْطَرِيَّانِ قَالا : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا رِشْدِينُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ ثَوْبَانَ عَـنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَـنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ عَـنْ أَبِيهِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( إن للهِ عزَّ وَجَلَّ دِيكَاً ، جَنَاحَاهُ مُوَشَيَّانِ بِالزَّبَرْجِدِ واللُّؤْلُؤِ والْيَاقُوتِ ، جَنَاحٌ لَهُ فِي الْمَشْرِقِ ، وَجَنَاحٌ لَهُ فِي الْمَغْرِبِ ، وَقَوَائِمُهُ فِي الأَرْضِ السُّفْلَى ، وَرَأْسُهُ مَثْنِيُّ تَحْتَ الْعَرْشِ ، فَإِذَا كَانَ فِي السَّحَرِ الأَعْلَىَ ، خَفَقَ بِجَـنَاحِهِ ، ثُمَّ قَالَ : سُـبُّوحٌ قُدُّوسٌ ، رَبُّنَا اللهُ لا إِلَه غَيْرُهُ ، فَعِنْدَ ذَلِكَ تَضْرِبُ الدِّيَكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا ، وَتَصِيحُ ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ ، قَالَ اللهُ تَعَالَى : ضُمَّ جَنَاحَكَ ، وغُضَّ صَوْتَكَ ، فَيَعْلَمُ أَهْلُ السَّمَواتِ وَالأَرْضِ : أَنَّ السَّاعَةَ قَدْ اِقْتَرَبَتْ )) .

قلت : وهذا حديثٌ مُنْكَرٌ ، وإسناده واهٍ بمرَّةٍ .

وبهذا الإسناد فى (( العظمة ))(5/1758) حديثٌ آخرُ مرفوعاً : (( لا تَسُبُّوا الدِّيكَ الأَبَيْضَ ، فَإِنَّه صَدِيقِي ، وَأَنَا صَدِيقُه ، وَعَدُوهُ عَدُوِي ، والَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ ، لَوْ يَعْلَمُ بَنُو آدَمَ مَا فِي قُرْبِهِ لاشْتَرَوْا رِيشَهُ وَلَحْمَهُ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ ، وإنَّه لَيَطْرُدُ مَدَى صَوْتِهِ مِنْ الْجِنِّ )) .


[ الحديث السابع ] حَدِيثُ عَلِيِّ بْنِ أَبِى طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وله طريقان :

[ الطريق الأولى ] حَبَّةُ بْنُ جُوَيْنٍ الْعُرَنِيُّ عَنْه

أخرجه محمد بن عثمان بن أبى شيبة (( العرش ))(67) : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ طَارِقٍ نَا عَمْرُو بْنُ ثَابِتٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَبَّةَ الْعُرَنِيِّ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ الْكَوَّاءِ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِى طَالِبٍ رَضِيَ الله عَنْهُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ؛ إِنَّ فِي كِتَابِ اللهِ لآيَةٌ قَدْ أَفْسَدَتْ عَلَيَّ قَلْبِي ، وَشَكَّكَتْنِي فِي دِينِي ، فَقَالَ لَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ : وَيْحَكَ يَا ابْنَ الْكَوَّاءِ ؛ وَمَا هَذِهِ الآيَةُ التَّي قَدْ أَفْسَدَتْ عَلَيْكَ قَلْبَكَ ، وَشَكَّكَتْكَ فِي دِينِكَ ؟ ، فقال له ابْنُ الْكَوَّاءِ : قول الله تعالى (( وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ ))( النور :41) ، مَا هَذِهِ الصَّلاةُ ؟ ، وَمَا هَذَا الصَّفُّ ؟ ، وَمَا هَذَا التَّسْبِيحُ ؟ ، فَقَالَ لَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ : يَا ابْنَ الْكَوَّاءِ ، إنَّ اللهَ تَعَالَى خَلَقَ الْمَلائِكَةَ فِي صُوُرٍ شَتَى ، وَإِنَّ للهِ مَلَكَاً فِي صُورَةِ دِيكٍ أَشْهَبَ ، بَرَاثِنُهُ فِي الأَرْضِ السُّفْلَى السَّابِعَةِ ، وَعَرْفُهُ مَثْنِيٌ تَحْتَ عَرْشِ الرَّحْمَنِ ، لَهُ جَنَاحٌ بِالْمَشْرِقِ مِنْ نَارٍ ، وَجَنَاحٌ بِالْمَغْرِبِ مِنْ ثَلْجٍ ، فَإِذَا حَضَرَ وَقْتُ كُلِّ صَلاةٍ ، قَامَ عَلَى بَرَاثِنِهِ ، وَأَقَامَ عَرْفَهُ تَحْتَ الْعَرْشِ ، ثُمَّ صَفَّقَ بِجَنَاحَيْهِ ، كَمَا تُصَفِّقُ الدِّيَكَةُ فِي مَنَازِلِكُمْ ، فَلا الَّذِي مِنِ النَّارِ يُذِيبُ الثَّلْجِ ، وَلا الَّذِي مِنِ الثَّلْجِ يُطْفِئُ الَّذِي مِنِ النَّارِ ، ثُمَّ يُنَادِي بِأَعْلَى صَوْتِهِ : لا إِلَه إِلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَن مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ رَبُّ الْمَلائِكَةِ وَالرُّوحِ ، وَأَشْهَدُ أَن مُحَمَّدَاً خَيْرَ النَّبِيِّينَ ، فَتَسْمَعُهُ الدِّيَكَةُ فِي مَنَازِلِكُمْ ، فَتُصَفِّقُ بِأَجْنِحَتِهَا ، فَيَقُولُ كَنَحْوٍ مِنْ قَوْلِهِ ، فَهُو قَوْلُ اللهِ عزَّ وجلَّ فِي كِتَابِهِ (( وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ ))( النور :41) .


أخرجه ابن حبان (( الثقات ))(9/171) : حَدَّثَنِى الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْقَطَّانُ ثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُوسَى الأَنْصَارِيُّ ثَنَا مَنْصُورُ بْنُ وَرْادَنَ ثَنَا يُوسُفُ بن أَبِى إِسْحَاقَ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنْ الْحَارِثِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِى طَالِبٍ قَالَ : (( إنَّ للهِ دِيكَاً ، رِجْلاهُ فِي الأَرْضِ السَّابِعَةِ ، وَجَنَاحٌ لَهُ بِالْمَشْرِقِ ، وَجَنَاحٌ لَهُ بِالْمَغْرِبِ ، وَعُنُقُه مَثْنِيةٌ تَحْتَ الْعَرْشِ ، يسبح الله ويحمده ويقدسه ، فَإِذَا مَضَى مِنْ اللَّيْلِ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَمْضِى ، صَفَّقَ بِجَنَاحَيْهِ ، فَقَالَ : قُدُّوسٌ قُدُّوسٌ ، رَبُّ الْمُلْكِ الْحَقُّ ، لا إِلَه إِلا هُوَ ، فَعِنْدَ ذَاكَ تَصِيحُ الدِّيُوكُ ، وتُصَفِّقُ بِأَجْنِحَتِهَا )) .

[ الحديث الثامن ] حَدِيثُ أُمِّ سَعْدٍ اِمْرَأةٍ مِنْ الْمُهَاجِرَاتِ قال محمد بن عثمان بن أبى شيبة : حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ التَّمِيمِيُّ نَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ نَا دَاوُدُ بْنُ عَبْدِ الرحْمَنِ الْمَكِي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَاذَانَ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ عَنْ أُمِّ سَعْدٍ اِمْرَأةٍ مِنْ الْمُهَاجِرَاتِ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( الْعَرْشُ عَلَى مَلَكٍ مِنْ لُؤْلُؤَةٍ فِي صُورَةِ دِيكٍ ، رِجْلاهُ فِي التُّخُومِ السُّفْلَى ، وَعُنُقُه مَثْنِيةٌ تَحْتَ الْعَرْشِ ، وَجَنَاحَاهُ فِي الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ ، فَإِذَا سَبَّحَ اللهَ ذَلِكَ الْمَلَكُ ، لَمْ يَبْقَ شَيءٌ إِلا سَبَّحَ )) .

وبعد أن تأكدنا من مصادرالأقوال السابقة عن أهل السنة نعرج إلى أقوال الشيعة في بعض كتبهم ومن أهمها بحار الأنوار بخصوص "ديك العرش"

جاء في بحار الأنوار

في كتاب فضل الذكر للحافظ جعفر بن محمد بن الحسن الفرياني عن ثوبان مولى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : إن لله ديكا براثنه في الأرض السفلى وعنقه مثني تحت العرش وجناحاه في الهواء يخفق بهما في السحر كل ليلة يقول سبحان الملك القدوس ربنا الرحمن الملك لا إله غيره.

وروى أبو طالب المكي والغزالي عن ميمون بن مهران أنه قال : بلغني أن تحت العرش ملكا في صورة ديك رأسه من لؤلؤة وجناحاه من زبرجد أخضر فإذا مضى ثلث الليل الأول ضرب بجناحيه وزقا وقال ليقم القائمون فإذا مضى نصف الليل ضرب بجناحيه وزقا وقال ليقم المصلون فإذا طلع الفجر ضرب بجناحيه وزقا وقال ليقم الغافلون وعليهم أوزارهم ومعنى زقا صاح.

عن محمد بن أحمد الوراق، عن علي بن محمد بن جعفر، عن دارم بن قبيصة، عن الرضا عليه السلام عن آبائه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن لله ديكا " عرفه تحت العرش، ورجلاه في تخوم الأرضين السابعة السفلى، إذا كان في الثلث الأخير من الليل سبح الله تعالى ذكره بصوت يسمعه كل شئ ما خلا الثقلين الجن والإنس، فتصيح عند ذلك ديكة الدنيا

التوحيد للصدوق: عن علي بن عبد الله الأسواري، عن مكي بن أحمد عن عدي بن أحمد بن عبد الباقي، عن أحمد بن محمد البراء، عن عبد المنعم بن إدريس عن أبيه، عن وهب، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وآله أن لله تبارك وتعالى ديكا " رجلاه في تخوم الأرض السابعة ورأسه عند العرش ثاني عنقه تحت العرش، وهو ملك من ملائكة الله تعالى خلقه الله تعالى ورجلاه في تخوم الأرض السابعة السفلى، مضى مصعدا " فيها مد الأرضين حتى خرج منها إلى أفق السماء، ثم مضى فيها مصعدا " حتى انتهى قرنه إلى العرش، وهو يقول: " سبحانك ربي ".

ولذلك الديك جناحان إذا نشرهما جاوز المشرق والمغرب، فإذا كان في آخر الليل نشر جناحيه وخفق بهما، وصرخ بالتسبيح وهو يقول: " سبحان الله الملك القدوس الكبير المتعال القدوس لا إله إلا هو الحي القيوم " فإذا فعل ذلك سبحت ديكة الأرض كلها، وخفقت بأجنحتها وأخذت في الصراخ، فإذا سكن ذلك الديك في السماء سكنت الديكة في الأرض.

فإذا كان في بعض السحر نشر جناحيه فجاوز المشرق والمغرب، وخفق بهما وصرخ بالتسبيح " سبحان الله العظيم، سبحان الله العزيز القهار، سبحان ذي العرش المجيد، سبحان الله ذي العرش الرفيع " فإذا فعل ذلك سبحت ديكة الأرض فإذا هاج هاجت الديكة في الأرض وتجاوبه بالتسبيح والتقديس لله تعالى.ولذلك الديك ريش ابيض كأشد بياض رأيته قط، وله زغب أخضر تحت ريشه الأبيض كأشد خضرة رأيتها قط، فما زلت مشتاقا إلى أن أنظر إلى ريش ذلك الديك.

قال الفيروزآبادي: خفق الطائر طار، وأخفق ضرب بجناحيه، وقال الزغب محركة صغار الشعر والريش ولينه أو أول ما يبدو منهما.

التوحيد: عن محمد بن الحسن، عن محمد بن يحيى، عن الحسين بن الحسن ابن أبان، عن محمد بن أورمة، عن أحمد بن الحسن الميثمي، عن أبي الحسن الشعيري.

عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة قال: جاء ابن الكوا إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال: يا أمير المؤمنين! والله إن في كتاب الله تعالى لآية قد أفسدت علي قلبي، وشككتني في ديني، فقال له علي عليه السلام: ثكلتك أمك وعدمتك وما تلك الآية؟ قال: قول الله تعالى " والطير صافات كل قد علم صلاته وتسبيحه "

فقال له أمير المؤمنين: يا ابن الكوا إن الله تبارك وتعالى خلق الملائكة في صور شتى: إن لله تعالى ملكا " في صورة ديك أبج أشهب، براثنه في الأرضين السابعة السفلى، وعرفه مثنى تحت العرش، له جناحان: جناح في المشرق وجناح في المغرب واحد من نار والآخر من ثلج، فإذا حضر وقت الصلاة قام على براثنه ثم رفع عنقه من تحت العرش، ثم صفق بجناحيه كما تصفق الديوك في منازلكم فلا الذي من النار يذنب الثلج، ولا الذي من الثلج يطفئ النار.

فينادي " اشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا " سيد النبيين وأن وصيه سيد الوصيين، وأن الله سبوح قدوس رب الملائكة والروح " قال: فتخفق الديكة بأجنحتها في منازلكم فتجيبه عن قوله، وهو قوله عز وجل " والطير صافات كل قد علم صلاته وتسبيحه " من الديكة في الأرض

تفسير علي بن إبراهيم: عن أبيه رفعه إلى ابن نباته قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام:

إن لله ملكا " في صورة الديك الأملح الأشهب وذكر نحوه .

بيان: قوله عليه السلام: أبج في بعض النسخ بالباء والجيم، وهو الواسع شق العين، وفي بعضها بالحاء المهملة وهو غليظ الصوت، والملحة البياض الذي يخالطه سواد كما في التفسير، والشهبة في اللون البياض الذي غلب على السواد، والبراثن من السباع والطير بمنزلة الأصابع من الانسان، والصفق الضرب الذي يسمع له صوت كالتصفيق.

مشكاة الأنوار: من كتاب المحاسن عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن لله ديكا " رجلاه في الأرض، ورأسه في السماء تحت العرش وجناح له في المشرق وجناح له في المغرب، يقول: " سبحان ربي الله القدوس " فإذا صاح أجابته الديوك، فإذا سمعتم أصواتها فليقل أحدكم: سبحان ربى القدوس .

دعائم الاسلام: عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن لله ملكا " في خلق الديك، براثنه في تخوم الأرض، وجناحاه في الهواء وعنقه مثنية تحت العرش، فإذا مضى من الليل نصفه، قال: " سبوح قدوس رب الملائكة والروح ربنا الرحمن لا إله غيره ليقم المتهجدون " فعندها تصرخ الديوك ثم يسكت كم شاء الله من الليل، ثم يقول: " سبوح قدوس ربنا الرحمن لا إله غيره ليقم الذاكرون " ثم يقول بعد طلوع الفجر: " ربنا الرحمن لا إله غيره ليقم الغافلون " .

أقول: قد مضت الأخبار في ذلك في كتاب السماء والعالم .

قال الصادق عليه السلام: إذا سمعت صراخ الديك فقل: " سبوح قدوس رب الملائكة والروح، سبقت رحمتك غضبك لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك عملت سوء وظلمت نفسي فاغفر لي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت " .

فقه الرضا: وإذا سمعت صراخ الديك إلى قوله " لا إله إلا أنت " .

الكافي: في الحسن كالصحيح عنه عليه السلام مثله إلا أن فيه لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك عملت.

بيان: قال في النهاية: في حديث الدعاء " سبوح قدوس " يرويان بالضم والفتح أقيس، والضم أكثر استعمالا "، وهو من أبنية المبالغة، والمراد بهما التنزيه، وقال:

القدوس هو الطاهر المتنزه عن العيوب والنقايص، وفعول بالضم من أبنية المبالغة، و لم يجئ منه إلا قدوس وسبوح وذروح.

المتهجد : إذا سمع أصوات الديوك فليقل " سبوح قدوس رب الملائكة والروح سبقت رحمتك غضبك لا إله إلا أنت عملت سوء وظلمت نفسي فاغفر لي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت يا كريم وتب علي إنك أنت التواب الرحيم الحمد لله الذي أنامني

في عروق ساكنة ورد إلي مولاي نفسي بعد موتها، ولم يمتها في منامها. الحمد لله الذي يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه [والحمد لله الذي يمسك السماوات والأرض أن تزولا] ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده إنه كان حليما " غفورا " الحمد لله الذي لم يرني في منامي وقيامي سوء، والحمد لله الذي يميت الأحياء ويحيى الموتى وهو على كل شئ قدير الحمد لله الذي يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون. الحمد لله الذي أباتني في عافية، وصبحني عليها، ساكنة عروقي، هادئا " قلبي سالما " بدني، سويا " خلقي، حسنة صورتي، [و] لم تصبني قارعة، ولم ينزل بي بلية، لم يهتك لي سترا "، ولم يقطع عني رزقا "، ولم يسلط علي عدوا " وقد أحسن بي وأحسن إلى ودفع عني أبواب البلاء كلها، وعافاني من جملها لا إله إلا الله الحي القيوم وهو على كل شئ قدير، وسبحان الله رب النبيين وإله المرسلين، وسبحان الله رب السماوات السبع وما فيهن، ورب الأرضين السبع وما فيهن ورب العرش العظيم، والحمد لله رب العالمين [وصلى الله على محمد وآله الطاهرين] . أقول: ذكره في المصباح الصغير = إلى قوله - " إنه كان حليما " غفورا " ولعل أكثر هذه الزيادات من أدعية الانتباه أضيفت إلى دعاء سماع الصراخ. كتاب جعفر بن شريح: عن أحمد بن شعيب، عن جابر الجعفي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن لله ديكا [رجلاه] في الأرض ورأسه تحت العرش جناح له في المشرق وجناح له في المغرب، يقول: " سبحان الله الملك القدوس " فإذا قال ذلك صاحت الديوك وأجابته، فان سمع صوت الديك فليقل أحدكم: سبحان ربي الملك القدوس.


وإذ بدا في الفكر الفاطمي جليا جنوحهم إلى الإسقاط بين المفدرات الوجودية وبين كينونة الفكر الفاطمي ومفرداته كالإمامة والوصاية والخلافة فقد وقع في خاطر بعض الباحثين عن مفهوم الديك في قصيدة المؤيد أنه قصد بديك العرش الإمام وأن الديوك التي تجيبه هم الدعاة. وهذا الظن وإن حسن على سبيل ما نفهمه من طريقة الفاطميين لفهمهم للموجودات إلا أن ذكر هذا الديك في الأبيات متسق على قصده الواضح ولا لزوم إجباري لجعله رمزا. وقد وضح لدينا وفرة ذكر "ديك العرش" في مختلف المصادر على قدر ما توصلنا إليه. ولم نعمد إلى نقد الأحاديث فهذه ليست غايتنا هنا إنما غايتنا تبيين جذور هذا الرمز في النصوص الإسلامية المختلفة بعيدا عن قصيدة المؤيد لا يقال أنه اخترعه رمزا كما يقول بعض الباحثين.


محمد شحاته حسين

مصر

2020

"ارتفع وشاهد"







 
 
 

Comments


bottom of page