top of page

حصن خيبر بين الحقيقة والتصور

  • Writer: محمد شحاته حسين "محمد العريان"
    محمد شحاته حسين "محمد العريان"
  • Aug 12, 2021
  • 4 min read

Updated: Aug 13, 2021


كثيرا ما قرأنا في قصص التراث الإسلامي عن فتح حصن خيبر، وما يعنيه هذا الفتح بالنسبة لسلسلة من الفتوحات النبوية.

و لكن العقل الإجتهادي لا يمكنه مهما وصل من قدرة على التعامل من النصوص التاريخية من استنباط حقيقة مدى أهمية هذا الحصن لليهود، ولماذا يكتسب كل هذه القيمة.

فالمفكر بالتاريخ الإسلامي على وجه التحقيق لا يمكنه اعتبار حصن خيبر إلا معركة هزيلة لا قيمة لها وأن وضعها في مصاف المعارك النبوية الكبرى ليس إلا على سبيل الإذلال الهزلي لليهود.

ورغم الإسراف غير الطبيعي في ذكر هذه المعركة. فإن المعلومات عنها ضئيلة بشكل كبير، كغالبية المعارك النبوية، التي لا تتجاوز أحداث كل معركة منها صفحات قليلة، مما طمس أهمية هذه المعارك في مرحلة التأسيس /النواة الكبرى لمفهوم الدولة الإسلامية لاحقا.

نعم إن المعلومات التي وصلت إلينا عن كل تلك المعارك كافية لأن نتفهم ماهية الخصوم، لكن جد هناك محاولات للتركيز على أهمية هذه المعارك دون تبيين لخطورة موقفها العسكري بشكل كاف، أو حتى موقفها الإجتماعي وتأثيره السريع في جزيرة العرب وقت حدوثها.

وقرأنا عن الكثير من محاولات باحثين لاستنباط القدرات العسكرية للنبي ومن حوله.

و سريعا نمر على سطور أهم ما قيل عن معركة خيبر


"غزوة خيبر، من غزوات النبي  ضد يهود خيبر، بدأت في محرم عام 7 هـ وانتهت في صفر بفتح خيبر. وكان سببها أن يهود خيبر آوی رؤساء يهود بني النضير الذين أخرجهم الرسول  من المدينة، وبدأوا بتحريض بعض قبائل العرب ضد المسلمين.



تغلّب المسلمون في هذه الغزوة علی اليهود، وإثر معاهدة تمّت بین الطرفين تقرّر أن یخرج المقاتلون الیهود مع عائلاتهم من خيبر، وتكون أراضيهم وممتلكاتهم للمسلمين، ولکن بعد طلبهم أذن لهم رسول الله أن يبقوا في خيبر ويستمروا بزراعتهم ويأخذوا لهم نصف منتوجاتها.


اتّسمت معالم الغزوة ببطولات علي بن أبي طالب ، وحفِلت، وزخرت بمناقبه حتى تطاولت لمآثره أعناق الآخرين وطمع بها غيره؛ أطاح برؤوس الأبطال من القادة، واقتلع بيده باب الحصن الأعظم، وامتاز على غيره بمحبّة من الله ورسوله وجبريل" انتهى.


ولا نحتاج إلى مزيد إيضاح لنتبين أن هذا الحصن ليس له فقط قيمة أسطورية، فهو يتجاوز التشفير الأسطوري كرمز ليكون حقيقيا حصنا له باب، به مقاتلون، يعتد بهم، وبالإنتصار عليهم.

فالقراءة المبدئية تقول أن السطور القليلة التي تحكي عن حصن هي تحكي عن أسطورة مختزلة مكونة من رموز: حصن و باب. وشخوص: محمد وجبريل يؤيدهم الله.

كما ان واقعة اقتلاع الباب الأعظم أو الباب العالي للحصن اليهودي على يد علي بن أبي طالب لتبين قوة غير طبيعية يتمتع بها علي بن أبي طالب.


ورجوعا إلى العقل فإن وصف (أعظم/ أكبر/ أعلى) لا يعني التميز على إطلاقه إنما التميز نسبة إلى المقارن به. فكان علينا أن نعرف ما هو حجم أبواب الحصن لنعرف كيف هو حجم أعظمها.

و لم نجد على ما وصل إلى أيدينا من كتب كباحث شخصي ما يصف لنا بنيان هذا الحصن بوجه يسمح بوضع تصور للمعركة وأحداثها.


لكن في عصرنا الذي أعتقد أنه العصر الذهبي لتحليل كل ما وصل إلينا وبسرعة ودقة. فإن هناك آلاف الصور ومقاطع الفيديو المسجلة لحصن خيبر، الذي هو عدة حصون لها وظائف مختلفة بين السكن والتخزين، والخفارة، كما أن لها تقسيمات قبلية عائلية لساكنيها فيما بينهم.


تتكون الحصون من شبكة معقدة من المباني الكثيرة، ذات مستويات وارتفاعات مختلفة، ومتداخلة بشكل لا يمكن معه المضي في ممر من ممرات الحصن دون التعرض لعشرات الثنيات و المداخل، والتي في حال اقتحام الحصن تتحول إلى أماكن مكشوفة لا يمكن للداخل المضي فيها. فالممرات ضيقة وواسعة وبها عروض مختلفة. ومجرد التفكير باقتحام الحصن فذلك يعني أن الداخل سيتعرض إلى وابل من المفاجآت والأفخاخ ، وسيكون هدفا سهلا من غير الممكن أن يتوغل في الحصون دون أن يُقتل.


اختلفت الروايات في عدد المقاتلين بين الطرفين إلا أن من الممكن أن نقول أنها 1/10 أو 1/20. وهذه نسبة كبيرة بين مقاتلي المسلمين المهاجمين وبين مقاتلي اليهود. لكن الرقم لا يعني بحال أنه كله يخص المقاتلين من اليهود، فهم في حصونهم بعائلتهم وأسرهم وأطفالهم.

كذا اختلفوا في تحديد زمن المعركة الذي يتراوح بين أيام عند بعض المؤرخين ويصل إلى شهور ( من شهر محرم أو صفر حتى شهر رجب) عند بعضهم.



تتكون الحصون من جدران بنيت بطرق مختلفة، كلها تليق بزمانها، كاستخدام الطين المضروب بالقش و مداميك الطين اللبن المخلوط بكسر الحجارة. وبعضها له أساس مبني بالصخور، ويعزى بعض المؤرخين ذلك إلى أن خيبر كمستعمرة بشرية أقدم بكثير من اليهود وأنها تعود إلى حضارات قديمة جدا. لكن على كل حال فتبعا للتاريخ الإسلامي فإن صفية بنت حيي بن الأخطب، والتي تزوجها الرسول بعد فتح خيبر، بعد أن ارتضت الإسلام.

فإن نسبها هو :صفية بنت حيي بن أخطب بن سعية بن ثعلبة بن عبيد بن كعب بن الخزرج بن أبي الحبيب بن النضير بن النحام بن ناخوم.

وبنو النضير قبيلة من ذرية  هارون بن عمران بن قاهات بن لاوي بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم.

و أمها : برة بنت سموأل من بني قريظة وهي أخت الصحابي رفاعة بن سموأل.

وبنو قريظة من ذرية يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم.

وبالطبع فقصة قدوم هذه الذريات إن صدقت هذه الأنساب ليست موضوعنا-خاصة أن في عصرنا هناك أطروحات كثيرة جدا مفيدة تخص حقيقة بني اسرائيل ومواطنهم- لكن نفهم أن هناك فترات تاريخية قديمة تخص يهود خيبر بها ولعلهم أول من أسسها على شكلها الحالي.



أما ما يلفت الإنتباه ولم يأت على ذكره المؤرخون في الإسلام، هو الرسوم والرموز التي تحيط بالحصون بشكل مدهش، ولا يمكن رؤيتها بالسير على الأقدام، ولكن يجب رؤيتها من ارتفاعات مناسبة. وهذه الرموز مثلها له دراسات مكثفة تخص حضارات قديمة في مناطق متفرقة في العالم. كحضارة الأنكا والبيرو، التي بها رسوم بالحجارة أو بتغيير معالم الأرض بالكحت أو رص الحجارة أو تكويم الأتربة الثقيلة، تمثل حيوانات مختلفة وحشرات وشخوص بشرية. وبعضها يمثل ما يمكن حسبانه حروف للغات قديمة، وبعضها يمثل رموز شعائرية ربما، يعود إلى أديان مختلفة.



وما يعني لنا أن أهمية هذه الرموز المنتشرة في العالم كله لم يأت على ذكرها الإسلام، تبعا لما نقرأ فيه. ولعلها تبعا لما يمكنني تفهمه ( أن هذه الرموز التي هي بأشكال مختلفة وتكون على مستوى أفقي، فهي الأنصاب التي جاء ذكرها في القرآن) وليس كما يتصور الناس أن الأنصاب أبنية أو حجارة مرصوصة بشكل رأسي. ويؤيد قولنا تعريفها المختزل (قال ابن عباس ومجاهد وعطاء وسعيد بن جبير والحسن وغير واحد: الأنصاب هي حجارة كانوا يذبحون قرابينهم عندها). وهذا هو الفرق بينها وبين الأوثان. ونقول أن بداية الأنصاب قديما هو ما تطور ليصل إلى مفهوم (شعار العائلة) فلكل قبيلة أو عائلة رمز أو نصب يتشاركونه وعليهم احترامه. واحترام النصب ناتج من الإنتماء إليه إما على شكل طوطمي ( كاختيار الأرملة السوداء أو الثعبان) خوفا من هذه الكائنات، أو كاختيار شكل بشري مبسط ( هو جد القبيلة أو الشخص الذي فعل لها أمور أحبوها أو أمورا سيئة فخافوه) . والطوطم قصة تطول إلا أن لها علاقة وثيقة بالأنصاب. ولعلنا سنفرد مقالا نوضح فيه أكثر ما نشير إليه.

لكن اليهود كما نعلم لا علاقة لهم بالطوطمية الوثنية وربما هذه الرموز تعود إلى شعوب سكنت قبلهم أو دونهم في فترة من فترات التاريخ. كما لا يمكن استبعاد هذه الرموز عن التصوف اليهودي بشكل عام، فهم يعتقدون بالقبالة التي تعتقد اعتقادات نراها نحن أفعال وثنية لا تمت لليهودية بصلة.


يستكمل.


(محمد شحاته حسين) محمد العريان







 
 
 

Comments


bottom of page